التمييز

التمييز

التمييز

التمييز: اسمٌ نكرةٌ فضلةٌ منصوب، يرفع الإبهامَ و الغموض عمّا تقدّمه .

وقد عرفه ابن هشام الأنصاري : ( اسم نكرة ، بمعنى مِن ، مبيّن لإبهام اسم أو نسبة )
- إذا قلت (اشتريت لتراً ) لم يفهم السامع ما تريده باللتر , فهو لا يدرى زيتاً اشتريت , أم ماءً أم شراباً , و ذلك لأن (اللتر) اسم مبهم يصلح لأن تراد به هذه المعاني الكثيرة ولكنك إذا قلت ( حليباً ) زال الإبهام وفهم السامع مرادك تمام الفهم لأنك ميّزت له اللتر وبيّنت له المقصود منه بلفظ ( حليباً ) ويسمى هذا اللفظ تمييزًا
- ( عندي فدانٌ قمحاً ) فلو قلتُ (عندي فدانٌ ) كلام تام من الوجهة الصناعية فهو مؤلف من المبتدأ ( فدان ) ، وشبه الجملة (عندي) الخبر إلا أنّ الإبهام يعتري الكلام فلا يُدرَى: فدان ماذا عندي أهو فدان شعير أم فدان ذرة لذلك جئتُ بكلمة (قمحاً ) لإزالة الإبهام عن الكلام السابق لها وتمييزه .

- (محمد أكبر من عليّ سناً ):فلو قلتُ (محمد أكبر من علي ّ) كلام تام من الوجهة الصناعية فهومؤلف من المبتدأ (محمد ) و ( أكبر ) الخبر ، إلا أنّ الإبهام يعتري الكلام فلا يُدرَى: أهو أكبر من عليّ عقلاً أم لسانا أم طولاً لذلك جئتُ بكلمة (سناً ) لإزالة الإبهام عن الكلام السابق لها وتمييزه .

- (امتلأت الحديقة أزهاراً ) جملة: (امتلأت الحديقة )، تصدق على أشياء كثيرة تمتلئ بها الحديقة ، من أشجارٍ و أطفال ٍو أعشاب و غيرها وللتبيين والإيضاح، جئت بــ (أزهاراً ) فأوضحتْ وفسّرتْ، وأزالتِ الإبهام، وبيّنتْ أنّ الحديقة إنما امتلأت أزهاراً لا شيء غيرها .

نوعا التمييز:

1- تمييز الذات
ويسمى أيضاً تمييز المفرد أو تمييز الملفوظ هو ما يفسر اسما مبهماً ملفوظاً قبله :
نحو (باعني التاجر ذراعاً حريراً ) : فكلمة ذراعاً لفظ مبهم يحتاج إلى تمييز يفكُّ إبهامه ، وكلمة (حريراً ) تمييز أزال الإبهام عنه . ذراعاً : مُمَيَّز ملفوظ ، حريراً : تمييز
الاسم المبهم المميز قد يكون :
أ- عدداً : 
( إني رأيتُ أحدَ عشَرَ كوكباً ) كوكباً : تمييز منصوب ، ( قرأت ثلاثين كتاباً ) كتاباً : تمييز منصوب
ويأتي التمييز منصوباً مع الأعداد ( أحد عشر ، وتسعة وتسعين ، وما بينهما )
ب- مقداراً :
- وزن نحو : عندي كيلو غرام سمناً ، اشتريت رطلاً عسلاً ينتج البستان طناً تفاحاً في السنة
- كيل وشبهه نحو : بعت صاعا قمحاً ، شرب لتراً حليباً ، شربت كوباً لبناً ، عندي جرة ٌعسلاً ، عندي وعاءً سمناً
( وعاء : ليست مما يكال به ، وإنما هو شبيه بالكيل )
- مساحة وشبهها نحو : أملك فداناً أرضاً ، زرعت هكتاراً شعيراً ، لديَّ قصبة أرضاً. زرع الفلاح هكتاراً أرضاً
وقعتُ مدَّ يدك عريضة : ( مدّ يدك يشبه المساحة )
- المقياس : كالذراع والميل ، والفرسخ ، المتر ... ( أهديته متراً حريراً ) .
ملاحظة :
ما يشبه المقدار : وهو ما لم يدل على مقدار محدود يتعامل الناس على أساسه لأنه غير مقدر بالآلة الخاصة نحو : ( الحفنة ، ملء الأرض ، مثقال ذرة ، عدد الحصى ، مد البصر . . .) معي حفنة قمحاً ، فلن يُقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً ، ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، عندي مدّ البصر أرضاً )
ج- ما أجري مجرى المقادير واحتاج إلى التمييز لكشف الإبهام : للرجال مثل ما للنساء حقوقاً
د- ما كان فرعا للتمييز : وهو كل اسم تفرع عن الأصل : اشتريت قطناً قميصاً أملك خاتما فضة ً، ولبيتنا بابٌ حديداً

يجوز جرّ التمييز بالإضافة أو جره بمِن .

أكل الحصان حفنة شعيراً : أكل الحصان حفنة شعيرٍ .... أكل الحصان حفنة من شعيرٍ
شربت كوباً ماءً : شربت كوب ماءٍ ...شربت كوباً من ماءٍ.
بعته ذراعاً حريرًا : بعته ذراع حريرٍ ... بعته ذراع من حريرٍ .

2- تمييز النسبة ( تمييز الجملة )

- إذا أسندت الوقوف إلى سعيد فقلت ( وقف سعيد ) كان الإسناد واضحاً لا غموض فيه لأن من طبيعة سعيد الوقوف والجلوس وغيرها من الحركات ، وإذا أسندت التصبب إلى العرق فقلت ( تصبب العرقُ ) كان الإسناد واضحاً لا غموض فيه لأن من طبيعة السوائل أن تتصبب ، ولكن لو قلت ( تصبب سعيدٌ ) فأنا في هذا الكلام أسندت ونسبت التصبب إلى سعيد ، وسعيد جامد و الجوامد لا تسيل ولا تتصبب وإنما ينسب التصبب والسيلان إلى الموائع والسوائل
إذاً فالنسبة غامضة وسبب الغموض أني نسبت شيئاً وهو( التصبب ) إلى ( سعيد ) وهو ليس بصاحبه الحقيقي ولهذا وجب أن نميز هذه النسبة بأن ننسبها إلى صاحبها الحقيقي وهو العرق فنقول ( تصبب سعيدٌ عرقاً ) .
- الكثرة لا يمكن إسنادها ونسبتها إلا إلى شيءٍ متعدد إلى ( المال مثلاً والأولاد و العِلم . . . ) فإذا نسبت الكثرة إلى نفسي فقلت ( أنا أكثر منك ) كانت النسبة غامضة لأني فردٌ واحدٌ ولا يمكن أن أتعدد وبالتالي لا يمكن أن أكون كثيراً أو قليلاً وهنا يأتي التمييز ليزل الغموض والإبهام فأقول ( أنا أكثر منك مالأ ) والمال يتعدد ويكثر لذلك أسندت الكثرة إليه لا لنفسي لأنه هو الكثير لا أنا

وتمييز النسبة نوعان محوّل وغير محول :

1- المحوّل :
أ- تمييز ما أصله فاعل : أي التمييز المحول عن الفاعل : فاح الزهر عطراً ، والأصل في التمييز (عطراً )
فاعل ( فاح عطرُ الزهر) ، ( اشتعل الرأس شيباً ) والأصل في التمييز ( شيباً ) فاعل ( اشتعل شيبُ الرأس)
( فاض الإناء ماءً ) والأصل في التمييز ( ماءً ) فاعل ( فاض ماءُ الإناء )
( طاب زيدٌ نفساً ) والأصل في التمييز ( نفساً ) فاعل ( طابت نفسُ زيدٍ )
ب- تمييز ما أصله مفعول به : أي التمييز المحول عن المفعول به :
( وفجرنا الأرض عيونا ) والأصل في التمييز ( عيونا ) مفعول به ( فجرنا عيونَ الأرض ِ)
( زرعت الحديقة ورداً ) والأصل في التمييز ( ورداً ) مفعول به (زرعت وردَ الحديقة ِ)
ج- تمييز ما أصله مبتدأ : ( محمد أكثر علماً ) والأصل في التمييز ( علما) مبتدأ ( علمُ محمدٍ أكثرُ )
( زيدٌ أرجح عقلاً ) والأصل في التمييز ( عقلاً ) مبتدأ (عقلُ زيدٍ أرجحُ )

2- غير محوّل : 
ويكثر في بعض الأساليب كأسلوب التعجب القياسيّ : ( أكرمْ بخالدٍ أباً ) ( ما أحسنَ أحمد رجلاً )
وأسلوب التعجب غير القياسيّ : ( لله درّهُ فارساً ) ، ( يا له رجلاً )

كنايات العدد

كم الاستفهاميّة
كم الاستفهاميّة : يستفهم بها عن عدد مبهم يراد تعيينه .
يأتي تمييزها منصوباً ( كمْ كتاباً قرأت ) ، ( كمْ صديقاً عندك ) (كتاباً ، صديقاً : تمييز)
ويجوز جرّ تمييزها إن كانت في موضع جرٍّ : ( بكم درهم ٍ اشتريت الثوبَ ) ، ( عند كم تاجر ٍ تباعُ الأقلام )
وقد يحذف تمييزها كم عمرك ) ، ( كم مالك )
كم الخبريّة
كم الخبريّة : تستعمل للإخبار عن الكثرة .
يأتي تمييزها مجروراً بالإضافة : ( كم مرّة ٍ انتصر خالد بن الوليد ) أي : كثير من الانتصارات
( كم كتابٍ قرأت ) أي : كثير من الكتب
كأيّن
كأيّن : تستعمل للإخبار عن الكثرة مثل كم الخبريّة .
يأتي تمييزها مجروراً بـ ( مِن ) : ( كأين من نبيٍّ قاتل معه ربيّون كثير ) ، ( كأيّ من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها )
يجوز نصبه وهو قليلٌ : و كأين لنا فضلاً عليكم ومنّة قديماً ! ولا تدرون ما منُّ منعمُ
كذا
كذا : كناية عن عدد أو جملة .
يأتي تمييزها منصوباً : ( قرأت كذا وكذا قصّة ً ) ( قلت كذا وكذا حديثاً )

عبد الناصر حسين 
أحدث أقدم