المذهب الإبداعي ( الرومانسي ) عند الغرب

المذهب الإبداعي ( الرومانسي ) عند الغرب

المذهب الإبداعي


الأدب الإبداعي تعريفه ونشأته :
هو مذهب جاء تعبيراً صادقاً عن الذات والوجدان والشخصية الفنية المستقلة, ورفضاً للمنهج الاتـّباعي الذي اتصف بأنه أدب العقل والصنعة والأصول . الإبداعية هي تعبير أدبي عن ثورة البورجوازية السياسية والاجتماعية.
وقد جاءت الإبداعية نتيجة للتحولات الكبيرة التي حصلت في أوربا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر و أوئل القرن التاسع عشر كالانقلاب الصناعي والثورة الفرنسية ومفاهيمها الجديدة ( كالجمهوريّة , والديموقراطية , وحقوق الإنسان....)
وتميز الأدب الإبداعي بأنه أدب العاطفة – والتحرر الوجداني – والخيال والتجديد والحرية
سمات الإبداعية :
الغنائية والذاتية : عاد الإبداعيون بالشعر إلى فطرته , لأنـّهم وجدوا فيه المعبّر الأفضل عن خبايا النفس وأسرار الذات والذاتية أميز خصائص الإبداعية .
الفردية : الفرد عند الإبداعيين هو محور الحياة , لذلك رفعوا الفرد إلى مرتبة سامية ,ورأت الابداعيّة طموح نابليون برهاناً على قدرة الفرد ودوره في التاريخ .
تمجيد الألم : رأى الإبداعيون أنّ الألم هو مصدر الإبداع فوصفوه بالألم العبقري, وشاع بينهم ما سمي بداء العصر وهو داء الكآبة والشكوى والألم وهذا ما كثر في شعر( ألفرد دي موسيه ) في ( الليالي ) .
تمجيد الطبيعة: رفض الإبداعيون المجتمع وعاداته , وأحبوا الطبيعة البكر إلى حدّ التصوّف وتغنوا بها , ولقوا فيها عزاءً وسلوى من الخيبة والألم وملجأً من شرور المجتمع ومفاسده , ورمزاً للبراءة والنقاء.
تمجيد الحرية: المذهب الإبداعي ابن الثورة على الظلم والفساد لذلك آمن الإبداعيون برسالة الأديب وبدوره في بناء عالم جديد , فدعوا إلى تحرير الإنسان من الظلم والاستغلال , وتحرير الأدب من القيود العقلية والفنيّة لأنّ الأدب عندهم خلق للحياة وإبداع لها وأدواته القلب والإحساس والخيال لا العقل .

المذهب الإبداعي العربي ( الرومانسي) :

نشأته : ظهرت الإبداعية العربية نتيجة اتصال العرب بالغرب عن طريق الثقافة والبعثات, ونتيجة الواقع العربي المتردي في فترة مابين الحربين.
وأثـّرت تأثيراً عميقاً في الأدب العربي لسببين:
- الحاجة إلى التجديد في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية. ولأن الإبداعية ثورة على القديم شكلاً ومضموناً
- لأنها تتميز بالكآبة والسوداوية و تمجيد الألم ولذلك لجأ إليها الأدباء العرب للتعبير عن عهود الظلم والكبت التي لحقت بالعرب في مرحلة الاستعمار الغربي .
روّاد الإبداعيّة في الشعر :
الشاعر خليل مطران في قصائده الموضوعية كـ ( نيرون ) والذاتية كـ ( المساء) .
جماعة أبولو كـ ( أحمد زكي أبو شادي – وإبراهيم ناجي ) .
الشابي في المغرب – وأبو شبكة وصلاح لبكي في لبنان – وأبو ريشة ونديم محمد في سورية .
في المهجر( جبران ونعيمة وأبو ماضي)- وقد أمدّ شعراء المهجر الإبداعية بنسغ شعري سُمّي بـ ( الأدب المهموس ).
روّاد الإبداعيّة في النقد : من أوائل الأدباء الذين عبدوا لها الطريق ( العقّاد والمازني) في كتاب ( الديوان ) الذي هاجما فيه أحمد شوقي ومدرسته الاتباعية . كما ألّف ( ميخائيل نعيمة ) كتاب الغربال وحدد فيه ملامح الإبداعية العربية.
وقد حدد هذان الكتابان للإبداعية مقاييساً دقيقة ومنهجا متماسكاً ينتمي انتماءً مباشراً إلى المذهب الغربي, وانتقدا أحمد شوقي بمآخذ متشابهة يظهر فيها النزق والتطرف نحو الجديد .
خصائص الإبداعية في الشعر العربي الحديث:
1- التركيز على موضوعات يثيرها التشاؤم والكآبة كتمجيد الألم ووصف الخريف والمساء.
2- ظهور ذاتية الشاعر وعمق المعاناة وصدق التعبير, وتتجلى الذاتية في عدم الرضا بالحياة والقلق. وقد غلب على الشعراء الحزن والتشاؤم وتميز شعرهم بالجرأة والتمرد على المجتمع .
- تناول الموضوعات المصيرية تناولاً مختلفاً عن معالجة الشعراء الاتـّباعيين : مثال: الاتـّباعيون نظروا إلى جمال المرأة الظاهري, أمّا الإبداعيون فانطلقوا من النظرة المثالية فتحدثوا عن الحب وخلوده حتى بعد الموت .
4- الجنوح إلى الخيال: فقد كانوا يحلقون في أجواء المستقبل وما وراء الواقع متجهين نحو أعماق النفس لإبداع الصور المبتكرة وشحنها بعواطف إنسانية حارة.
5- النزوع إلى التحرر من الاستعمار والتحرر من الظلم والتخلف والفساد.
6- استخدام اللغة المأنوسة القريبة من لغة الحياة اليومية وشحنها بالعواطف والخيال والابتعاد عن التقرير والنزعة الخطابية.
7- الوحدة المقطعية التي تقوم على وحدة المقطع لا البيت , ووحدة المناخ النفسي في القصيدة وخيال متناسق مع الموقف الشعري كالذي نجده عند بعض شعراء المهجر وجماعة أبولو .

المسرح الإبداعي في الأدب العربي الحديث :

- هدمت الإبداعيّة مفهومات المسرح الاتـّباعي فلم تتقيد بقاعدة الوحدات الثلاث حيث ألغت وحدة الزمان والمكان لمخالفتهما للواقع وحافظت على وحدة الموضوع , ومزجت بين الجد والهزل.
- تركت الإبداعيّة أثراً واضحاً في مسرح شوقي الاتباعي لكن ظهورها الحقيقي كان مع توفيق الحكيم في مسرحية ( الخروج من الجنة) - والمسرحية الإبداعية لم تبلغ مستوى المسرحية الاتباعية لأن الشعر التمثيلي موضوعي لا يلائم الروح الذاتية.
القصة الإبداعية في الأدب العربي الحديث :
ازدهرت القصة الإبداعية من خلال الترجمة كترجمة المنفلوطي لرواية ( ماجدولين) وترجمة الزيات ( لآلام فرتر) .
- كان جرجي زيدان أول من ألـّف الرواية الإبداعية العربية التاريخية وعُرفت الرواية الإبداعية الاجتماعية على يد جبران في روايتيه ( الأجنحة المتكسرة و الأرواح المتمردة ) كما قدم لنا طه حسين روايتين يظهر فيهما أثر المذهب الإبداعي وهما ( الأيام و دعاء الكروان )
عبد الناصر حسين
أحدث أقدم