أَفاطِمُ قَبلَ بَينِكِ مَتِّعيني
أَفاطِمُ قَبلَ بَينِكِ مَتِّعيني |
وَمَنعُكِ ما سَأَلتُكِ أَن تَبيني
فَلا تَعِدي مَواعِدَ كاذِباتٍ
تَمُرُّ بِها رِياحُ الصَيفِ دوني
فَإِنّي لَو تُخالِفُني شِمالي
خِلافَكِ ما وَصَلتُ بِها يَميني
إِذاً لَقَطَعتُها وَلَقُلتُ بِيني
كَذَلِكَ أَجتَوي مَن يَجتَويني
لِمَن ظُعُنٌ تَطَلَّعَ مِن ضُبَيبٍ
فَما خَرَجَت مِنَ الوادي لِحينِ
مَرَرنَ عَلى شَرافٍ فَذاتِ هَجلٍ
وَنَكَّبنَ الذَرانِحَ بِاليَمينِ
وَهُنَّ كَذاكَ حينَ قَطَعنَ فَلجاً
كَأَنَّ حُدوجَهُنَّ عَلى سَفينِ
يُشَبَّهنَ السَفينَ وَهُنَّ بُختٌ
عُراضاتُ الأَباهِرِ وَالشُؤونِ
وَهُنَّ عَلى الرَجائِزِ واكِناتٌ
قَواتِلُ كُلَّ أَشجَعَ مُستَكينِ
كَغُزلانٍ خَذَلنَ بِذاتِ ضالٍ
تَنوشُ الدانِياتِ مِنَ الغُصونِ
ظَهَرنَ بِكِلَّةٍ وَسَدَلنَ رَقماً
وَثَقَّبنَ الوَصاوِصَ لِلعُيونِ
وَمِن ذَهَبٍ يَلوحُ عَلى تَريبٍ
كَلَونِ العاجِ لَيسَ بِذي غُضونِ
وَهُنَّ عَلى الظِلام مُطَلَّبَاتٌ
طَويلاتُ الذَوائِبِ وَالقُرونِ
أَرَينَ مَحاسِناً وَكَنَنَّ أُخرى
مِنَ الأَجيادِ وَالبَشَرِ المَصونِ
إِذا ما فُتنَهُ يَوماً بِرَهنٍ
يَعِزُّ عَلَيهِ لَم يَرجِع بِحينِ
بِتَلهِيَةٍ أَريشُ بِها سِهامي
تَبُذُّ المُرشِقاتِ مِنَ القَطينِ
عَلَونَ رَباوَةً وَهَبَطنَ غَيباً
فَلَم يَرجِعنَ قائِلَةً لِحينِ
فَقُلتُ لِبَعضِهِنَّ وَشُدَّ رَحلي
لِهاجِرَةٍ عَصَبتُ لَها جَبيني
لَعَلَّكِ إِن صَرَمتِ الحَبلَ مِنّي
أَكونُ كَذاكَ مُصحِبَتي قَروني
فَسَلِّ الهَمَّ عَنكَ بِذاتِ لَوثٍ
عُذافِرةٍ كَمِطرَقَةِ القُيونِ
بِصادِقَةِ الوَجيفِ كَأَنَّ هِرّاً
يُباريها وَيَأخُذُ بِالوَضينِ
كَساها تامِكاً قَرِداً عَلَيها
سَوادِيُّ الرَضيحِ مِنَ اللَجينِ
إِذا قَلِقَت أَشُدُّ لَها سِنافاً
أَمامَ الزَورِ مِن قَلَقِ الوَضينِ
كَأَنَّ مَواقِعَ الثَفِناتِ مِنها
مُعَرَّسُ باكِراتِ الوِردِ جُونِ
يَجُدُّ تَنَفُّسُ الصُعَداءِ مِنها
قُوى النِسعِ المُحَرَّمِ ذي المُتونِ
تَصُكُّ الجَانِبَينِ بِمُشفَتِرٍّ
لَهُ صَوتٌ أَبَحُّ مِنَ الرَنينِ
كَأَنَّ نَفِيَّ ما تَنفي يَداها
قِذافُ غَريبَةٍ بِيَدَي مُعينِ
تَسُدُّ بِدائِمِ الخَطَرانِ جَثلٍ
خَوايَةَ فَرجِ مِقلاتٍ دَهينِ
وَتَسمَعُ لِلذُبابِ إِذا تَغَنّى
كَتَغريدِ الحَمامِ عَلى الوُكونِ
وَأَلقَيتُ الزِمامَ لَها فَنامَت
لِعادَتِها مِنَ السَدَفِ المُبينِ
كَأَنَّ مُناخَها مُلقى لِجامٍ
عَلى مَعزائِها وَعَلى الوَجينِ
كَأَنَّ الكورَ وَالأَنساعَ مِنها
عَلى قَرواءَ ماهِرَةٍ دَهينِ
يَشُقُّ الماءَ جُؤجُؤُها وَتَعلو
غَوارِبَ كُلِّ ذي حَدَبٍ بَطينِ
غَدَت قَوداءَ مُنشَقّاً نَساها
تَجاسَرُ بِالنُخاعِ وَبِالوَتينِ
إِذا ما قُمتُ أَرحَلُها بِلَيلٍ
تَأَوَّهُ آهَةَ الرَجُلِ الحَزينِ
تَقولُ إِذا دَرَأتُ لَها وَضيني
أَهَذا دِينُهُ أَبَداً وَديني
أَكُلُّ الدَهرِ حَلٌّ وَاِرتِحالٌ
أَما يُبقي عَلَيَّ وَما يَقيني
فَأَبقى باطِلي وَالجِدُّ مِنها
كَدُكّانِ الدَرابِنَةِ المَطينِ
ثَنَيتُ زِمامَها وَوَضَعتُ رَحلي
وَنُمرُقَةً رَفَدتُ بِها يَميني
فَرُحتُ بِها تُعارِضُ مُسبَكِرّاً
عَلى ضَحضاحِهِ وَعَلى المُتونِ
إِلى عَمرٍو وَمِن عَمرٍو أَتَتني
أَخى النَجداتِ وَالحِلمِ الرَصينِ
فَإِمّا أَن تَكونَ أَخي بِحَقٍّ
فَأَعرِفَ مِنكَ غَثّي مِن سَميني
وَإِلّا فَاِطَّرِحني وَاِتَّخِذني
عَدُوّاً أَتَّقيكَ وَتَتَّقيني
وَما أَدري إِذا يَمَّمتُ وَجهاً
أُريدُ الخَيرَ أَيُّهُما يَليني
أَأَلخَيرُ الَّذي أَنا أَبتَغيهِ
أَمِ الشَرُّ الَّذي هُوَ يَبتَغيني
دعي ماذا عَلِمتُ سَأَتَّقيهِ
وَلَكِن بِالمَغيبِ نَبِّئيني
...